الأصول التاريخية للماسونية
صفحة 1 من اصل 1
الأصول التاريخية للماسونية
الأصول التاريخية للماسونية
د. إبراهيم فؤاد عباس
المصدر: من كتاب: الماسونية تحت المجهر للدكتور أحمد فؤاد عباس.
مقالات متعلقة
تعرف دائرة المعارف البريطانية (طبعة 1981) الماسونية بأنها "أكبر جمعية سرية في العالم". وقد نشأت من النقابات التي ألفها البناؤون عندما تولوا بناء القلاع والكاتدرئيات. ثم بدأت بعض محافل البنائين العاملين في قبول أعضاء فخريين لتقوية الإقبال عليها إثر التدهور في عدد أعضائها بسبب توقف عمليات البناء. ومن هذه المحافل نشأت الماسونية الحديثة أو الرمزية.
وهناك جدل حول تاريخ بداية ظهور الماسونية، فثمة فريق يعتقد بأنها أنشئت في عهد الفراعنة -حيث كانت تبنى المعابد والأهرامات- ويقرر آخرون أنها أنشئت في زمن بناء الهيكل (هيكل سليمان)، فيما يرى البعض الآخر أنها ظهرت في أثناء الحروب الصليبية.
وقد ذهب د. محمد علي الزغبي في كتابه "الماسونية منشئة ملك إسرائيل". القسم الأول المطبوع في بيروت سنة 1956 إلى أن المؤسس الأول للماسونية التي جعلت مرادفها (القوى الخفية) بدأت سنة 43-55م عندما اجتمع الملك "هيردوس أجريبا" ومستشاريه "أحيرام أبنود"، و"مؤاب لافي" وتآمروا فيما بينهم على المسيح الذي أخذ يبشر بزوال الهيكل (بحيث لا يبقى فيه حجر على حجر إلا ينقض) وأنشأوا جمعية سرية باسم "القوة الخفية" مهمتها: التخلص من المسيح وأتباعه.
ويزعم أنصار أسطورة ظهور الماسونية مع بداية بناء الهيكل، بأنه عندما تقرر بناء الهيكل، تم تقسيم البنائين إلى ثلاث طبقات: المتمرنين، أبناء المهنة، والأساتذة، وتشمل الطبقة الثالثة (الأساتذة) ثلاثة أشخاص فقط هم سليمان، وحيرام، ملك صور – وحيرام آبي (أي حيرام الأب). والأخير كان يكنى "بابن الأرملة". أو "صانع النحاس" تمييزاً له عن حيرام ملك صور. وتزعم الأسطورة الماسونية أنه قبل تمام بناء المعبد تآمر بعض الأشخاص من "أبناء المهنة" بغية اكتشاف أسرار الأساتذة، وقرروا أن يعدوا كميناً لحيرام (ابن الأرملة) عند باب المعبد. ولكن البعض منهم تراجع في اللحظات الأخيرة، ولم يتبق من المتآمرين سوى ثلاثة هم الذين قاموا بتنفيذ المؤامرة.. وقد طلبوا في البداية من حيرام أن يطلعهم على الأسرار، وهددوا بالقتل، وعندما رفض البوح لهم بما يعرف قتلوه بثلاث ضربات على الرأس، ضربة من كل واحد منهم، ثم حملوا جثته ودفنوها خارج الهيكل في حبل "مرياح". وتضيف الأسطورة أنه بعد تمام بناء الهيكل تفرق "البناؤون" الذين قاموا ببنائه، فنزح بعضهم إلى أوروبا، واستقر نفر منهم في روما، حيث أنشأوا جمعية الصناع الرومانية التي نقلت نظمها ورسومها فيما بعد إلى جمعيات الصناع في إنجلترا وفرنسا وألمانيا في العصور الوسطى.
والذين يقرنون ظهور الماسونية بالحملات الصليبية، يقررون بأنها نشأت في زمن حكم (بلدوين الأول) لمملكة القدس، حيث اجتمع الفارس الفرنسي (هيودي باين) وثمانية من الفرسان، وأقسموا فيما بينهم على تشكيل جمعية منهم تهدف إلى حماية الحجاج النصارى وحراستهم من الساحل حتى المدينة المقدسة.
وحين سمع (بلدوين) بهذه الجمعية منحهم داراً قريبة مما عرف عندهم (بهيكل سليمان) أو (معبد سليمان) ولهذا عرفوا "بفرسان المعبد".. وفي نفس تلك الفترة ظهرت نشاطات مريبة لجمعية شبيهة وحليفة لجمعية فرسان المعبد، وهم "الإسماعيلة" الذين يصفهم "وليام الصوري" – رئيس أساقفة صور- بأنهم لا يلتزمون بالشريعة الإسلامية، ولا يتورعون عن ارتكاب المحارم، "فهم يشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير، ولا يصومون رمضان مع المسلمين وهم لذلك أقرب للنصارى" وقد وضع الإسماعيلية أسساً ومبادئ لجمعيتهم السرية تلك، على نظام دقيق للغاية، فقد رتبوا أصول الدعوة السرية ترتيباً محكماً على أساس استعداد الناس "فللعامة تعاليم وللخاصة أخرى، ولخاصة الخاصة تعاليم سرية لا يعلمه إلى الخاصة، ولا يعلم أسرار الجمعية إلا رؤساؤها وزعماؤها، ولا يصل الفرد منهم إلى مرتبة الزعامة إلا إذا اجتاز امتحاناً قياسياً، وأقسم بأغلظ الأيمان على الوفاء للجمعية والكتمان الشديد".
مراحل نشوء الماسونية
وقد عزا بعض الكتاب أصول الماسونية التاريخية لرسائل (إخوان الصفا) – تلك الجمعية السرية التي نشأت في البصرة في القرن الرابع للهجرة، والذين كتب أعضاؤها رسائلها الاثنتين والخمسين في شتى أنواع المعرفة.
ويمكننا بصفة عامة، تقسيم تاريخ الماسونية إلى مرحلتين:
1- المرحلة الأولى: أو الماسونية القديمة – والتي لا نستطيع أن نحدد بدايتها على وجه الدقة، لكنها تميزت بأن أعضاء الجمعيات الماسونية فيها كانوا من العمال في حرفة البناء. وقد وصلت تلك المرحلة إلى عصرها الذهبي في القرون الوسطى، التي شهدت حركة تشييد الكنائس والكاتدرئيات على نطاق واسع خاصة في بريطانيا. وقد اعتاد عمال بناء هذه الأبنية الخاصة على كتمان أسرار مهنتهم وعدم قبول أحد من الدخلاء فيها، حتى أن أسرار مهنتهم كانوا يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ولم يكونوا ليبيحوا بها إلا للمتدربين معهم، وكانوا بطبيعة الحال من أبنائهم وأقاربهم. وكان أولئك العمال يقضون أوقات راحتهم في أماكن خاصة قريبة من مواقع العمل، سميت "بالمحافل" والتي كانت بمثابة نقابات مهنية، ومراكز اجتماعية في آن واحد. حيث كانوا يتبادلون الأخبار، ويطرحون مشاكلهم على بساط البحث، ويناقشون الأمور المتصلة بمهنتهم وأسرارها، وحماية مصالحهم المشتركة. ويقال إن هذا هو مرجع التأكيد على سرية ما يقال في المحافل وكتمانه.
2- المرحلة الثانية، أو الماسونية الحديثة، أو "الرمزية" وبدأت عام 1600 في اسكتلندا. وفي نهاية القرن السابع عشر، كانت الحركة مقتصرة على الأرستقراطيين، الطبقات المهنية العليا.
وفي 14 يونيو 1717 تقرر توحيد المحافل التي كان عددها قد وصل إلى أربعة محافل في لندن – في محفل واحد سمي "المحفل الأعظم" The United Grand Lodge ولا يزال موجوداً حتى اليوم "ينشر فكره في مجلة دورية ولدت معه تحمل الاسم اللاتيني Aro Buarteyr Conorium.
وفي سنة 1723 ظهر أول كتاب في الماسونية باسم "القوانين" ألفه القس "جيمس أندرسون" وقد جاء فيه: "إن الماسوني كان يلقن أن ألا يكون كافراً عبثاً، وألا يكون مفكراً حراً غير متدين، وأن يحترم السلطات المدنية، وألا يشترك في الحركات السياسة!".
وقد زعم أندرسون في كتابه هذا أن الأستاذ الأكبر للماسونيين، والذي أنشأ المحفل الماسوني الأول هو النبي موسى. وأن الملك سليمان كان الأستاذ الأعظم للمحفل الماسوني في القدس!.. وأطال القول في تفاصيل هذه المزاعم الباطلة.
وكر الماسونية الحديثة
ومن أقدم الوثائق التي تتعلق بالماسونية تلك التي ضمنت الوصايا The Charges والتي نسخها "داود كاسلي" بخطه، وتاريخها المدون هو سنة 1734م، وهي محفوظة في المتحف البريطاني بقسم الأناجيل في الخزانة رقم 17 الرف أ، وقد جاء فيه: "يضع كل عضو جديد يدخل الجمعية كفه في كف القيم، ثم يعطى نسخة من الوصية العامة".. ثم ذكر الوصية المنظومة شعراً: "فرض على الأخ، حُبُّ الله، والكنيسة المقدسة، وسيده الذي يصحبه، وليحفظ المبادئ الثلاثة كما يحفظ حياته، ولا يخطو خطوة دون رأي سيده الذي يجب أن يتبعه في المقاصد النبيلة، ولا يكشف أمره، ولا يبح لأحد بسره، ولا يحيد قيد شعرة لما يأمره به المحفل في جميع الأحوال، ومهما كان الأمر. وحيثما ذهب".
ومن بريطانيا انتشر أخطبوط الماسونية (الحديثة)، فتأسس بإشراف محفل بريطانيا الأعظم:
1- أول محفل ماسوني في جبل طارق سنة 1728.
2- أول محفل ماسوني في باريس سنة 1732، 1725م: فصل المقال (73).
3- أول محفل ماسوني في ألمانيا سنة 1733.
4- أول محفل ماسوني في البرتغال سنة 1735
5- أول محفل ماسوني في سويسرا سنة 1745.
6- أول محفل ماسوني في هولندا والدانمرك سنة 1745 أيضاً.
7- أول محفل ماسوني في الهند سنة 1752.
8- أول محفل ماسوني في إيطاليا سنة 1763م.
9- أول محفل ماسوني في بلجيكا سنة 1765.
10- أول محفل ماسوني في روسيا سنة 1771.
11- أول محفل ماسوني في السويد سنة 1773.
وقد ظهرت الماسونية للمرة الأولى في أمريكا مع مجيء المستعمرين الإنجليز والاسكتلنديين والأيرلنديين في أوائل القرن الثامن عشر وفي سنة 1907 كان عدد المحافل العظمى في أمريكا يزيد على خمسين محفلاً، يتبعها آلاف المحافل العادية، وينخرط في عضويتها أكثر من مليوني أمريكي.
ويفوق عدد الماسونيين في أمريكا الآن عددهم في أي بلد آخر (حوالي 4 ملايين). وتأتي بريطانيا في الدرجة الثانية (نصف مليون). ويمكن إعطاء فكرة عامة عن قوة الماسونية الحديثة إذا علمنا أنه حتى سنة 1952 كان هناك في العالم 9000 محفل تابع للمحافل الرئيسية الثلاثة (الإنجليزية والاسكتلندية والأيرلندية).
وثمة نوعان من الماسونية في الغرب: الماسونية التقليدية Conservative M وهي التي تتسم بها محافل بريطانيا وألمانيا والدول الإسكندنافية والولايات المتحدة الأمريكية، وليس لها نشاطات معارضة للحكومة، والماسونية الحديثة Modern M وهي الموجودة في فرنسا، وجنوب أوروبا، وأمريكا اللاتينية، ولها نشاطات سياسية متعددة.
والجدير بالذكر أن الماسونية في بداية ظهورها في اسكتلندا كانت تعرف باسم "الماسونية الحرة" أما الماسونية الألمانية فكانت تعرف بالماسونية النورانية.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/32451/#ixzz4DDQPFw8C
د. إبراهيم فؤاد عباس
المصدر: من كتاب: الماسونية تحت المجهر للدكتور أحمد فؤاد عباس.
مقالات متعلقة
تعرف دائرة المعارف البريطانية (طبعة 1981) الماسونية بأنها "أكبر جمعية سرية في العالم". وقد نشأت من النقابات التي ألفها البناؤون عندما تولوا بناء القلاع والكاتدرئيات. ثم بدأت بعض محافل البنائين العاملين في قبول أعضاء فخريين لتقوية الإقبال عليها إثر التدهور في عدد أعضائها بسبب توقف عمليات البناء. ومن هذه المحافل نشأت الماسونية الحديثة أو الرمزية.
وهناك جدل حول تاريخ بداية ظهور الماسونية، فثمة فريق يعتقد بأنها أنشئت في عهد الفراعنة -حيث كانت تبنى المعابد والأهرامات- ويقرر آخرون أنها أنشئت في زمن بناء الهيكل (هيكل سليمان)، فيما يرى البعض الآخر أنها ظهرت في أثناء الحروب الصليبية.
وقد ذهب د. محمد علي الزغبي في كتابه "الماسونية منشئة ملك إسرائيل". القسم الأول المطبوع في بيروت سنة 1956 إلى أن المؤسس الأول للماسونية التي جعلت مرادفها (القوى الخفية) بدأت سنة 43-55م عندما اجتمع الملك "هيردوس أجريبا" ومستشاريه "أحيرام أبنود"، و"مؤاب لافي" وتآمروا فيما بينهم على المسيح الذي أخذ يبشر بزوال الهيكل (بحيث لا يبقى فيه حجر على حجر إلا ينقض) وأنشأوا جمعية سرية باسم "القوة الخفية" مهمتها: التخلص من المسيح وأتباعه.
ويزعم أنصار أسطورة ظهور الماسونية مع بداية بناء الهيكل، بأنه عندما تقرر بناء الهيكل، تم تقسيم البنائين إلى ثلاث طبقات: المتمرنين، أبناء المهنة، والأساتذة، وتشمل الطبقة الثالثة (الأساتذة) ثلاثة أشخاص فقط هم سليمان، وحيرام، ملك صور – وحيرام آبي (أي حيرام الأب). والأخير كان يكنى "بابن الأرملة". أو "صانع النحاس" تمييزاً له عن حيرام ملك صور. وتزعم الأسطورة الماسونية أنه قبل تمام بناء المعبد تآمر بعض الأشخاص من "أبناء المهنة" بغية اكتشاف أسرار الأساتذة، وقرروا أن يعدوا كميناً لحيرام (ابن الأرملة) عند باب المعبد. ولكن البعض منهم تراجع في اللحظات الأخيرة، ولم يتبق من المتآمرين سوى ثلاثة هم الذين قاموا بتنفيذ المؤامرة.. وقد طلبوا في البداية من حيرام أن يطلعهم على الأسرار، وهددوا بالقتل، وعندما رفض البوح لهم بما يعرف قتلوه بثلاث ضربات على الرأس، ضربة من كل واحد منهم، ثم حملوا جثته ودفنوها خارج الهيكل في حبل "مرياح". وتضيف الأسطورة أنه بعد تمام بناء الهيكل تفرق "البناؤون" الذين قاموا ببنائه، فنزح بعضهم إلى أوروبا، واستقر نفر منهم في روما، حيث أنشأوا جمعية الصناع الرومانية التي نقلت نظمها ورسومها فيما بعد إلى جمعيات الصناع في إنجلترا وفرنسا وألمانيا في العصور الوسطى.
والذين يقرنون ظهور الماسونية بالحملات الصليبية، يقررون بأنها نشأت في زمن حكم (بلدوين الأول) لمملكة القدس، حيث اجتمع الفارس الفرنسي (هيودي باين) وثمانية من الفرسان، وأقسموا فيما بينهم على تشكيل جمعية منهم تهدف إلى حماية الحجاج النصارى وحراستهم من الساحل حتى المدينة المقدسة.
وحين سمع (بلدوين) بهذه الجمعية منحهم داراً قريبة مما عرف عندهم (بهيكل سليمان) أو (معبد سليمان) ولهذا عرفوا "بفرسان المعبد".. وفي نفس تلك الفترة ظهرت نشاطات مريبة لجمعية شبيهة وحليفة لجمعية فرسان المعبد، وهم "الإسماعيلة" الذين يصفهم "وليام الصوري" – رئيس أساقفة صور- بأنهم لا يلتزمون بالشريعة الإسلامية، ولا يتورعون عن ارتكاب المحارم، "فهم يشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير، ولا يصومون رمضان مع المسلمين وهم لذلك أقرب للنصارى" وقد وضع الإسماعيلية أسساً ومبادئ لجمعيتهم السرية تلك، على نظام دقيق للغاية، فقد رتبوا أصول الدعوة السرية ترتيباً محكماً على أساس استعداد الناس "فللعامة تعاليم وللخاصة أخرى، ولخاصة الخاصة تعاليم سرية لا يعلمه إلى الخاصة، ولا يعلم أسرار الجمعية إلا رؤساؤها وزعماؤها، ولا يصل الفرد منهم إلى مرتبة الزعامة إلا إذا اجتاز امتحاناً قياسياً، وأقسم بأغلظ الأيمان على الوفاء للجمعية والكتمان الشديد".
مراحل نشوء الماسونية
وقد عزا بعض الكتاب أصول الماسونية التاريخية لرسائل (إخوان الصفا) – تلك الجمعية السرية التي نشأت في البصرة في القرن الرابع للهجرة، والذين كتب أعضاؤها رسائلها الاثنتين والخمسين في شتى أنواع المعرفة.
ويمكننا بصفة عامة، تقسيم تاريخ الماسونية إلى مرحلتين:
1- المرحلة الأولى: أو الماسونية القديمة – والتي لا نستطيع أن نحدد بدايتها على وجه الدقة، لكنها تميزت بأن أعضاء الجمعيات الماسونية فيها كانوا من العمال في حرفة البناء. وقد وصلت تلك المرحلة إلى عصرها الذهبي في القرون الوسطى، التي شهدت حركة تشييد الكنائس والكاتدرئيات على نطاق واسع خاصة في بريطانيا. وقد اعتاد عمال بناء هذه الأبنية الخاصة على كتمان أسرار مهنتهم وعدم قبول أحد من الدخلاء فيها، حتى أن أسرار مهنتهم كانوا يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ولم يكونوا ليبيحوا بها إلا للمتدربين معهم، وكانوا بطبيعة الحال من أبنائهم وأقاربهم. وكان أولئك العمال يقضون أوقات راحتهم في أماكن خاصة قريبة من مواقع العمل، سميت "بالمحافل" والتي كانت بمثابة نقابات مهنية، ومراكز اجتماعية في آن واحد. حيث كانوا يتبادلون الأخبار، ويطرحون مشاكلهم على بساط البحث، ويناقشون الأمور المتصلة بمهنتهم وأسرارها، وحماية مصالحهم المشتركة. ويقال إن هذا هو مرجع التأكيد على سرية ما يقال في المحافل وكتمانه.
2- المرحلة الثانية، أو الماسونية الحديثة، أو "الرمزية" وبدأت عام 1600 في اسكتلندا. وفي نهاية القرن السابع عشر، كانت الحركة مقتصرة على الأرستقراطيين، الطبقات المهنية العليا.
وفي 14 يونيو 1717 تقرر توحيد المحافل التي كان عددها قد وصل إلى أربعة محافل في لندن – في محفل واحد سمي "المحفل الأعظم" The United Grand Lodge ولا يزال موجوداً حتى اليوم "ينشر فكره في مجلة دورية ولدت معه تحمل الاسم اللاتيني Aro Buarteyr Conorium.
وفي سنة 1723 ظهر أول كتاب في الماسونية باسم "القوانين" ألفه القس "جيمس أندرسون" وقد جاء فيه: "إن الماسوني كان يلقن أن ألا يكون كافراً عبثاً، وألا يكون مفكراً حراً غير متدين، وأن يحترم السلطات المدنية، وألا يشترك في الحركات السياسة!".
وقد زعم أندرسون في كتابه هذا أن الأستاذ الأكبر للماسونيين، والذي أنشأ المحفل الماسوني الأول هو النبي موسى. وأن الملك سليمان كان الأستاذ الأعظم للمحفل الماسوني في القدس!.. وأطال القول في تفاصيل هذه المزاعم الباطلة.
وكر الماسونية الحديثة
ومن أقدم الوثائق التي تتعلق بالماسونية تلك التي ضمنت الوصايا The Charges والتي نسخها "داود كاسلي" بخطه، وتاريخها المدون هو سنة 1734م، وهي محفوظة في المتحف البريطاني بقسم الأناجيل في الخزانة رقم 17 الرف أ، وقد جاء فيه: "يضع كل عضو جديد يدخل الجمعية كفه في كف القيم، ثم يعطى نسخة من الوصية العامة".. ثم ذكر الوصية المنظومة شعراً: "فرض على الأخ، حُبُّ الله، والكنيسة المقدسة، وسيده الذي يصحبه، وليحفظ المبادئ الثلاثة كما يحفظ حياته، ولا يخطو خطوة دون رأي سيده الذي يجب أن يتبعه في المقاصد النبيلة، ولا يكشف أمره، ولا يبح لأحد بسره، ولا يحيد قيد شعرة لما يأمره به المحفل في جميع الأحوال، ومهما كان الأمر. وحيثما ذهب".
ومن بريطانيا انتشر أخطبوط الماسونية (الحديثة)، فتأسس بإشراف محفل بريطانيا الأعظم:
1- أول محفل ماسوني في جبل طارق سنة 1728.
2- أول محفل ماسوني في باريس سنة 1732، 1725م: فصل المقال (73).
3- أول محفل ماسوني في ألمانيا سنة 1733.
4- أول محفل ماسوني في البرتغال سنة 1735
5- أول محفل ماسوني في سويسرا سنة 1745.
6- أول محفل ماسوني في هولندا والدانمرك سنة 1745 أيضاً.
7- أول محفل ماسوني في الهند سنة 1752.
8- أول محفل ماسوني في إيطاليا سنة 1763م.
9- أول محفل ماسوني في بلجيكا سنة 1765.
10- أول محفل ماسوني في روسيا سنة 1771.
11- أول محفل ماسوني في السويد سنة 1773.
وقد ظهرت الماسونية للمرة الأولى في أمريكا مع مجيء المستعمرين الإنجليز والاسكتلنديين والأيرلنديين في أوائل القرن الثامن عشر وفي سنة 1907 كان عدد المحافل العظمى في أمريكا يزيد على خمسين محفلاً، يتبعها آلاف المحافل العادية، وينخرط في عضويتها أكثر من مليوني أمريكي.
ويفوق عدد الماسونيين في أمريكا الآن عددهم في أي بلد آخر (حوالي 4 ملايين). وتأتي بريطانيا في الدرجة الثانية (نصف مليون). ويمكن إعطاء فكرة عامة عن قوة الماسونية الحديثة إذا علمنا أنه حتى سنة 1952 كان هناك في العالم 9000 محفل تابع للمحافل الرئيسية الثلاثة (الإنجليزية والاسكتلندية والأيرلندية).
وثمة نوعان من الماسونية في الغرب: الماسونية التقليدية Conservative M وهي التي تتسم بها محافل بريطانيا وألمانيا والدول الإسكندنافية والولايات المتحدة الأمريكية، وليس لها نشاطات معارضة للحكومة، والماسونية الحديثة Modern M وهي الموجودة في فرنسا، وجنوب أوروبا، وأمريكا اللاتينية، ولها نشاطات سياسية متعددة.
والجدير بالذكر أن الماسونية في بداية ظهورها في اسكتلندا كانت تعرف باسم "الماسونية الحرة" أما الماسونية الألمانية فكانت تعرف بالماسونية النورانية.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/32451/#ixzz4DDQPFw8C
توفيق- المساهمات : 626
تاريخ التسجيل : 18/04/2016
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة يوليو 08, 2016 10:29 pm من طرف توفيق
» خواطر عن حال الارض قبل نهايتها_ منصور عبد الحكيم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:27 pm من طرف توفيق
» كتاب(يأجوج ومأجوج من الوجود حتى الفناء) #منصور_عبدالحكيم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:26 pm من طرف توفيق
» المؤامرة والمصادفة من كتاب الاسرار الكبرى للماسونية لمنصور عبد الحكيم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:25 pm من طرف توفيق
» بين تجسس الغرب.. وتجسس "أذيال الغرب" بقلم: منصورعبد الحكيم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:24 pm من طرف توفيق
» الميثاق السرى لحكومة العالم الخفية --المؤامرة على العالم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:24 pm من طرف توفيق
» أصل الحضارة واعمق الاسرار فى ارض العراق - منصور عبد الحكيم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:21 pm من طرف توفيق
» الهيكل وسر البقرة الحمراء - للكاتب منصور عبد الحكيم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:15 pm من طرف توفيق
» تجربتى مع الماسونية و المؤامرة ـــ منصور عبد الحكيم
الجمعة يوليو 08, 2016 10:14 pm من طرف توفيق